سلفادور دالي , النرجسية وجنون العظمة !

 

Salvador Dali picture 

حياته ؛

يعتبر دالي من أهم فناني القرن العشرين، وهو أحد أعلام المدرسة السريالية. يتميز دالي بأعماله الفنية التي تصدم المُشاهد بموضوعها وتشكيلاتها وغرابتها، وكذلك بشخصيته وتعليقاته وكتاباته غير المألوفة والتي تصل حد اللامعقول والاضطراب النفسي. وفي حياة دالي وفنه يختلط الجنون بالعبقرية، لكن دالي يبقى مختلفاً واستثنائياً. في فوضاه، في إبداعه، في جنون عظمته، وفي نرجسيته الشديدة.

ساهم رامون بيشوت، أحد جيران عائلة دالي في دخوله إلى عالم الرسم، ففي السابعة من عمره رسم دالي أولى لوحاته، واستطاع في مدرسته أن يلفت النظر إلى رسومه التي تنبأت له بمستقبل بارع، مما دفع بعائلته وأساتذته إلى حثّه على دخول أكاديمية الفنون الجميلة في سان فيرناندو في مدريد. خلال الأشهر الأولى من التحاقه بأكاديمية الفنون الجميلة كان دالي يتصرف كتلميذ نموذجي مبتعداً عن المجتمع المحيط به من أقرانه من التلاميذ.

Salvador Dali 

السريالية

 أو الفوق واقعيّة ، مُشتقة من الفرنسية (Surréalisme) التي تعني حرفياً "فوق الواقع"، هي حركة ثقافية في الفن الحديث والأدب تهدف إلى التعبير عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام والمنطق وحسب مُنظهرها أندريه بريتون فهي آليّة أو تلقائية نفسية خالصة، من خلالها يمكن التعبير عن واقع اشتغال الفكر إما شفوياً أو كتابياً أو بأي طريقة أخرى، وهي "فوق جميع الحركات الثورية". إذن فالأمر يتعلق حقيقة بقواعد إملائية للفكر، مركبة بعيدة كل البعد عن أي تحكم خارجي أو مراقبة تمارس من طرف العقل وخارجه عن نطاق أي انشغال جمالي أو أخلاقي وقد اعتمد السرياليون في رسوماتهم على الأشياء الواقعية في استخدامها كرموز للتعبير عن أحلامهم والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع . 

ما هو الفن ؟

ما يجذب المشاهد  تجاه عمل فني ما هو شخصية الفنان !التي تقف وراء هذا الإبداع اللوني والشكلي العظيم .

The Persistence of Memory

1931

Salvador Dalí

Oil on canvas

The Museum of Modern Art

ما يميز هذه اللوحة هو الحميمية والبعد الزمني واصالة الفكرة التي يقف وراء التشكيل الرمزي للوحة .

تقادم الوقت ، النسيان ،  الخلود ونسبية الزمن هو ما ترمز له ال ٣ ساعات التي نراها في مسرح الرئيس للوحة. الأوضاع الديموغرافية المختلفة للساعات ترمز للشكل المختلف من أشكال الانتظار.  سلفادور دالي فنان مثير للاشكالات المتعددة لجوانب الحياة المختلفة ، أنه لا يعتمد الأسلوب المباشر في اظهار الحقيقة ، إنما يعتمد الاساليب المراوغة في تفادي قول الحقيقة بأسلوب واضح ، الصمت احيانا سلاح ، جو الصمت الذي يخيم على جو اللوحة والبعد عن الدينامكية في تصوير الزمن ورمزية يعطي انطباع سردي لصورة فهمنا لكيفية انعكاس صورة الزمن في مخيلتنا السيريالية. 

إصرار الذاكرة،  سلفادور دالي 

اللون الأصفر البعيد والسماء المصفرة .

الجميع يموت والوقت ينتهي وهذه الحياة ويبقى الانتظار لغزا سيرياليا يبحث عن جواب !

يضحي سلفادور دالي بالنظام ،بالالة،  عبثا يبقى الزمن على ما هو  ! مشهد درامتيكي رافض للحكم البشري  . 

حتى على كانفس لم يستطع أن يلغي انتظام الوقت ، ورمز الساعة بكل جوانبه.   عموما ، اللوحة جميلة والألوان تعكس أصالة الفكرة وابداعية التصوير .  

اكتشاف أمريكا بواسطة كريستوفر كولومبوس .

اكتشاف أمريكا بواسطة كريستوفر كولومبوس "

اكتشاف أمريكا بواسطة كريستوفر كولومبوس "1959 بقلم سلفادور دالي زيت على قماش متحف سلفادور دالي ، سانت بطرسبرغ ، فلوريدا موضوع هذا التكوين المتقن له أصل بسيط: تم تكليف دالي من قبل هنتنغتون هارتفورد لرسم عمل لمعرضه للفن الحديث في مدينة نيويورك ، الواقع في دائرة كولومبوس. العنوان هو أيضًا إشارة إلى اكتشاف الفنان نفسه لأمريكا - المكان الذي وجد فيه الشهرة. يرسم دالي نفسه في أسفل اللوحة على هيئة راهب يحمل صليبًا. كولومبوس يحمل لافتة عليها صورة غالا على أنها مريم العذراء.

 كولومبوس هو أيضًا شخصية مهمة لدالي وهويته الكاتالونية. يشيد دالي بالنظرية السائدة في ذلك الوقت أن كولومبوس لم يكن إيطاليًا بل كتالونيًا. الصورة في أسفل اليسار هي الكاتالونية سانت نارسيسو ، شفيع القديس جيرونا ، وهي مدينة بالقرب من منزل دالي في فيغيريس. لا يزال الكتالونيون يحتفلون به حتى اليوم بمهرجان تكريم معجزة الذباب.

 وفقًا للأسطورة ، في عدة مناسبات ، ظهرت أسراب من الذباب الكبير من قبر نارسيسو لطرد الغزاة الفرنسيين ، والحفاظ على المدينة خالية من الحكم الأجنبي. بالنسبة لدالي ، كان الذباب يرمز إلى الاستقلال الكاتالوني. تظهر هذه الذبابات نفسها في أعمال دالي الأخرى ، بما في ذلك Toreador المهلوسة.

لوحة لسلفادور دالي 

في رأيي الشخصي المتواضع أن هذا الأسلوب الفني لرائد الفن السريالي "سلفادور دالي" يدعو للذهول من فرط خياله اللامحدود وذكائه .

إن الإنسان لا يموت عندما يريد ، بل يموت عندما يستطيع

Salvador Dali picture 

 إغواء القديس أنطونيوس

 عندما رسم سلفادور دالي لوحته إغواء القديس أنطونيوس  عام ١٩٤٦ زيت على قماش بمقاس 89×119 سم  التي تصور بها صراع القديس أنطونيوس مع إغراءات الشيطان وليس إنتصاره عليه

حينها كان  دالي يعاني  من اثار نفسية بسبب  تقلباته الفكرية  الغريبة والتي يعزوها البعض الى تقلب الأوضاع السياسية التي كانت تمر بها البلاد حينذاك 

فكانت معظم اعماله في تلك الفترة هي عبارة عن تداخلات  تأملية وعبثية و امتدادا لفراغ الذات فقد شبهه دالي ذاته بالفضاء الممتد وفِي حركات مقصوده لانحلال الذات كحركة كونية يتأملها في سعيه لبناء اختفاء حلم او رغبة ذاتية ذات بعد جمالي يصنعه بصريا من خلال اجساد كائناته البشرية المتحولة الى فضاءات .  تلك الاشلاء كنوافذ تخترق الكون للعبور الأبدي ، حيث استمد منه ماركيز هذا التحول في تضاؤل حجم اجساد موديلاته.  لدى دالي مقارنة أمام ضخامة الكون وأصواته الداخلية الصاخبة.  وما رمزية الفيل المتعالي في السماء والذي استطالت أقدامه ونحلت ، الا اشارة للتحول الأسطوري للجدة " أورسولا " في رواية " مائة عام من العزلة " لماركيز ، فسماء اللاوعي هنا تتعالى وتتضخم بصوت هادر كموسيقى تستلب الجسد في اللوحة حيث يخلق ماركيز حلمه بانهيار الجسد أمام تعالي وتقاعد وتيرة احداث الأسطورة كطريقة في الإدراك والمعرفة.

حتى تختفي بعدها الجدة وتموت لكن ماركيز لم يغفل من منحها صفة العظمة فمنحها القدرة على السلطة ( الجدة أورسولا ) لذا قد تمكنت من  فرض قراراتها. في إدارتها لشؤون العائلة جيلا بعد اخر . بواسطة جبروتها في تأديب الجنرالات الصغار بقولها (نحن لا نزال أمهاتكم). وايضا في قدرتها الخارقة على اتخاذ قرار الذهاب الى موتها بعد ان يتوقف المطر.

اختار دالي أن يرسم الموضوعات التي يعتبرها روحانية ذات طابع صوفي مجرد باسلوب  المدرسة الكلاسيكية  ، حيث اراد ان يكشف عن القوى الخفية فيها. كان يعتقد أن جميع مكونات الكون  تمتلك تلك القوة الروحية ، وكان يرغب في التقاطها وحيازتها في لوحته  من خلال رسمها ؛ كان هذا مستوحى من افتتانه بقدرة الانسان وقوتة الفكرية على ابتكار القنبلة الذرية ، والتي جسدها بطريقة صوفية وقوية بشكل خاص. باستخدام الأسلوب الفني لـ الكلاسيكية ، حتى ان كان هدف دالي هو استخدام الواقعية لتقريبه من الروحانية الموجودة في جميع المكونات ، وبالتالي ، هي أقرب إلى الروحانية.

 هذه القطعة تعتبر  أول أعماله التي استخدم فيها الكلاسيكية بهذه الطريقة ، وهي مقدمة لموضوعات أخرى أثارها هذا الاهتمام بالروحانية ، مثل التحليق وتحييد الجاذبية   

فقد تبين لنا  تجربة لوحة القديس أنطونيوس "التي تم تنفيذها عام 1946 البعد في التواصل  بين السماء والأرض بخلق أفيال طويلة الأرجل.  يمكننا التعرف على شخصيات مختلفة ،مثل الرئيس ، القديس أنطونيوس ، شفيع الحيوانات ؛  أيضا سلسلة من الحيوانات السريالية المحببة لدى دالي ، مثل الخيول ،التي تقع في المقدمة وتمثل السلطة ،اما الفيل الذي يحمل كأسًا ذهبيًا تعتليه انثى عارية في إشارة إلى الشهوة.  وافيال أخرى تحمل على ظهورها مبانٍ ا ؛  الأولى تعبر عن مسلة مستوحاة من ( لورنزو بيرنيني)  نشوة القديسة تريزا  ، والبعض الآخر عبارة عن مبانٍ من  طراز بالادين الفينيسي.  يمكننا أن نلاحظ في السحب بعض شظايا متحف الاسكوريال الاسباني El Escorial ، ويعتبر  رمز النظام الزمني والروحي. ومع كل هذا يجب أن يقاوم القديس أنطونيوس كل تلك الإغراءات ، مستخدمًا صليبه لدرء الرؤية. تم تصوير القديس عارٍ ، مما يوحي بضعف القديس ، وبالتالي يقترن بقوة الصليب ، التي يجب أن تتغلب على  تلك الاغواءات المتعمدة.  لقد شارك سلفادور دالي في هذه اللوحة بالمسابقة المنظمة من قبل  شركة Loew Lewin ، وهي شركة لإنتاج الأفلام.  وقد فاز بالمسابقة الفنان ماكس إرنست بعمل الاغواء . 

 مما احبط نوايا سلفادور دالي كون هذه المسابقة الأولى والأخيرة التي شارك بها ولم يفوز .  لكن رغم ذلك فقد تم الاحتفاظ بها ليومنا هذا في متحف الفنون الجميلة في بلجيكا.تقديرا لجهوده الكبيرة في احياء روحانية الفن .

  

Salvador Dali - The Temptation 1946

تحول النرجس ( Metamorphosis of Narcissus ).

إنمساخ نرجس ( Metamorphosis of Narcissus)

عُرِف عن سلفادور دالي قراءته وتأثره بنيتشه وديكارت وشوبنهاور لكن الشخصية الأكثر تأثبراً فدالي كانت لسجموند فرويد, تأثر جداً بكتاباته خاصةً (تفسير الأحلام), كانت اللوحة بمثابة تصوير لمقال لفرويد يتكلم فيه عن النرجسية (مقدمة فالنرجسية). تبنى اللوحة علي أسطورة يونانية عن شاب يسمى نرجس رأى إنعكاس صورته علي الماء فأُعجب بها كثيراً فظل يراقبها إلي أن تحول(إنمسخ) إلي زهرة النرجس.

تمثل اللوحة انهيار الإنسان أمام الغرور الكبر خطيئة الشيطان الأولى  ، من الجنة إلى جهنم ، من السماء إلى الأرض،  من الربيع إلى خريف الحياة ، إنها تمثل الإختيار. 

تبقى الأرض هي مسرح الرئيس للحدث ، دينامكية اللون ونقاء البصيرة .

أستخدم دالي هنا طريقته النقدية البارانويدية, الذي يدعي إنها تساعده في رؤية الواقع بمنظورين الأول شعورى(الجانب الأيسر) ومنظور لاشعوري(الجانب الأيمن).

اقوال سلفادور دالي :

ذكاء بلا طموح هو طير بلا اجنحة. 

لكي ترسم يجب أن تكون مجنونا.

هناك اختلاف وحيد بينى وبين المجنون، وهو أنى لست مجنوناً.

لا تناقش غبيا لأن الناس لن تعرف أيكما الغبي.

الغيرة من الرسامين الآخرين كانت دائما مقياس نجاحي. 

أعتقد أنه قد آن الأوان لأن نجعل من الاضطراب شيئاً منظما.

أنا لا اتعاطى المخدر، فأنا المخدر.