-->
Ra'ed Al-khawaldeh Art Ra'ed Al-khawaldeh Art

ينابيع البهجة


الانسة جين سامراى -من اعمال الفنان عام 1977وهي من مقتنيات متحف القرن التاسع عشر للفن الحديث بموسكو 


 رواد ( التأثيرية ) ، هم الذين فرضوا مذهبهم الفني على

الذوق العالمي , وربما وجدنا في هذا التعبير شيئا من الغرابة ،

إذ أن التذوق هو حس ذاتي يعتمل في وجدان وبصيرة

المتذوق و لا يمكن أن يفرض عليه .

ولكن الطبيعة البشرية - عادة - ترفض الحدث الجديد

غير المألوف أو تنظر إليه بتوجس ، وقد يشتط البعض

فيحاربونه .. وبظل الصراع محتدما إلى أن تألف الحواس هذا
( الجديد ) فيصبح عاديا بعيش مع الناس في ألفة و وفاق ،
وما أن تمضي فترة زمنية حتى يتحول بعدها ذلك ( الحدث )
- الذي كان مستغربا ثم أصبح عاديا إلى تراث نعتز به لأنه
يمثل حلقة تاريخية في مسيرة الفكر الإنساني المتجدد علي
الدوام !


وهذا ما حدث لكثير من مدارس الفن العالمية ، ومنها

المدرسة التأثيرية .

ولكن الجدير بالتنويه عن هذه المدرسة أنها صاحبت ثورة

فكرية شاملة في النصف الثاني من القرن الماضي ، وفجرت

في قرائح المبدعين طاقات خلاقة مازالت إشعاعا تسطع على

الفن والثقافة حتى يومنا هذا ، كم اشترك فيها العديد من

أساطين الفكر ، يوم أن كانت العاصمة الفرنسية وأحياؤها

الشهيرة مثل ( مونتمارتر ) و ( البيجال ) وغيرهما ، تزخر

بصنوف الإبداع العالمي ، وتحتضن الأفكار الثائرة المتطلعة

إلى البحث والتجديد .

وكانت المنتديات الفكرية والصالونات الفنية المنتشرة في

كل مكان في باريس تمثل طابع العصر للمجتمع الفرنسي

آنذاك ، وتحولت إلى خلايا إبداعية يجتمع حولها أعلام الفن

ورواد الشعر والأدب و المسرح و السياسية و الصحافة ، ولا

غرو أن نقرأ اليوم عن تاريخ تلك الفترة الرائعة أسماء الفنانين

مانيه ورينوار و ديجا و سيزان .. مختلطة مع أسماء إميل زولا

و دیران و مجلة ( لو شار يغاری ) و مقهى ( جيربوا ) و ( أثينا

الجديدة ) ..!

لقد امتلك هؤلاء الصفوة عالمهم امتلاكا شاعر یا، واختاروا

بساطة العيش والكفاح ، و عانوا من الاضطهاد وتعرض

بعضهم للفاقة والتشرد ، ورفعوا شعارهم الخالد : لنبق نبلاء

ولنسعد بفقرنا !

وعاش فناننا رينوار هذه الفترة التحولية العظيمة .. فترة

ظهور تلك الحقائق التشكيلية الجديدة التي تبلورت في

اتجاهين أساسيين : التعبير بالصورة و التعبير بالرمز .

وقد صاحب هذين المذهبين ظهور فنانين من ذا

بين من ذوي الآراء

الرمز والواقع ، وجوجان ، يدعو إلى الأسلوب التر کپی

البنائی .. وغيرهم .. وغيرهم .


أما رينوار فلم يكن صاحب نظریات مستحدثة ، فالفن

التأثيرية ما يتفق مع هواه ، حيث يستطيع أن يجسد في فنه

صورة حسية وضاءة النور والحياة ، ليس فيها إيماءات

الرومانسية الأدبية ولا جفاف الذهنية الواقعية ! فهو يأخذ

برأي الشاعر ( مالارميه ) بأن التصوير تصنعه الأشكال

والألوان كما تصنع الكلمات قصائد الشعر

وكان رينوار شديد الإعجاب بالإغريق القدماء إذ جعلوا

الأرض زاخرة بالحياة الجميلة ، ومن أجل ذلك.. أراد فناننا

أن يعيد إلى الأرض في لوحاته - رونقها المفقود من خلال

المرأة النابضة بالخصوبة وحس الحياة .. دون أن تهوي إلى

الابتذال.



من المناظر الطبيعية القليلة التي رسمها رينوار 1882


وكما تغني بجمال المرأة ، تغني كذلك في أعماله بالثمار

اليانعة و الزهور المتفتحة ومشاهد الطفولة البريئة

وأيا كان الموضوع الذي صوره ، فإن رينوار كان يؤمن

بأن الصورة يجب أن تكون شینا سارا ومبهجة

وإذا كانت نظرة التأثيريين إلى الأشكال هي نفس نظرة

رينوار من حيث المعالجة اللونية ، إلا أن الاختلاف بينهما

يكمن في أنه لم يلجأ إلى المناظر الطبيعية التي كانت

الأساسي لفناني التأثيرية ، ولكنه أوقف حياته وفنه

لرسم الأشخاص ( ولا سيما النساء الجميلات ) في معظم

إبداعاته التي بلغت أكثر من خمسة آلاف لوحة تحتل الأن

أروقة متاحف العالم .

كما نلحظ أن المرأة عند رينوار تتمتع بجمال هادی ذی

إيحاءات وجدانية سامية ، وبذلك استحق أن يقول عنه

المؤرخون :

إنه أروع من تغني بجمال المرأة وبراءة الطفولة وفجر

ينابيع البهجة في الحياة !


مقتبس عن كتاب : روائع الفن العالمي , جمال قطب





التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

Ra'ed Al-khawaldeh Art

2016