-->
Ra'ed Al-khawaldeh Art Ra'ed Al-khawaldeh Art

تحليل خطبة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

 

تحليل خطبة أمير المؤمنين  رضي الله عنه. 



ولو تأملنا في المقطع السابق لوجدنا أن عوامل التأثير في المدعوين تتمثل فيما يلي:

- صدق اللهجة النابع من إيمانه بما يدعو إليه، مما يجعل كلماته كأنها قبس من نفسه المشتعلة، وصورة من عواطفه المنفعلة، فهو لا يكاد ينطق بالجملة حتى تكون أسماعهم قد تلقفتها، وقلوبهم قد وعتها.

٣- تمتاز الألفاظ بالقوة، مع سهولتها وعذوبتها وسلاستها، كما أن عبارتها واضحة، وجملتها قصيرة، ولعل ذلك يسعف السامعين بإدراك المعنى المراد.

٣- المقابلة بين المعاني المتضادة مما يزيد المعنى وضوحا، والسامع تأثرا، ومن ذلك مثلا قوله: فإن الدنيا قد أدبرت وأذنت بوداع .. وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع، وقوله:  

وإني لم أر كالجنة نام طالبها.. ولا كالنار نام هاربها.

٤- الاقتباس من القرآن الكريم، كما في قوله: ألا إن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا، والله واسع عليم، ذلك مقتبس من قوله تعالى:

الشيطان يعذك الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعد گم مغفرة منه وفض والله واسع عليم .

٥- لقد كانت عناصر الخطبة المذكورة تتمثل في التأثر الشديد بالقرآن الكريم وبكلام الرسول ، وواقعيتها واتصالها الحميم بالحياة البشرية، وعمق المعاني وسموها وشمولها ،    والإجادة في تخير الألفاظ وبناء العبارة، والإيجاز، والتعبير عن المعاني والألفاظ بالصور، واعتماد الوسائل البديعة، وغاية القول، فإن هذه الخطبة تكتسب أهمية خاصة لما تكشف عنه من مزايا دينية وادبية وشخصية، فهي عميقة الدلالة على شخصية صاحبها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، تنبئ عن إدراكه السليم للمفاهيم والأراء الإسلامية السديدة التي تتناول تبيعة الدنيا وغاية الوجود البشري والمصير الذي ينتهي إليه، ونوضح النتائج التي توصلاليه

 أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في هذا الخصوص، وتدلنا على ما كان يتحلى به . حكمة نافذة ورؤيا معمقة يرفدها صفاء ذهنه وطهارة روحه، إلى غير ذلك من المزايا العقليةالروحية العالية التي أفاضها عليه إيمانه وتقواه وتمسکه . ترى الإسلام واعتصامه و ورضاه بقضائه، إن هذا كله قد ساعده في الوصول بالنثر الفني إلى هذا المستوى الرفيع، فكان بحق في عالم الأدب فارس الكلمة وقائدها وإمامها تماما، كما كان الناس إماما عاد زاهدا، وقائدا حكيما مجربا، وفارسا لا يباری)

، هذا وقد اهتم أمير المؤمنين على ه بانتهاز المناسبات في وعظ الناس وتذكيرهم، ولم يكتف بخطب الجمعة فقط، فعندما شبع ووضعت في لحدها وعج) أهلها وبكوا قال: ما تبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم، الأذهلتهم معايتهم عن ميتهم. وإن له فيهم لعودة ثم دعوة، ثم لا يبقى منهم الله عباد الله، وجدوا في الطلب، وبادروا بالعمل مقطع النهمات، وهادم اللذات، 

فإن الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجائعها، غرور حائل، وسند مائل، اتعظوا عباد الله بالعبرة واعتبروا بالآيات والأثر، وازدجروا بالنذر، وانتفعوا بالمواعظ، فكأنما قد علقتكم مخالب المنية، وضمكم بيت التراب، ودهمتكم مقطعات الأمور بنفخة الصور، وبعثرة القبور وسياقة المحشر، وموقف الحساب، بإحاطة قدرة الجبار، كل نفس معها سائق يسوقها محشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها (وأشرقت الأزض بور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمونه [الزمر: 69]. فارتجت لذلك اليوم البلاد، ونادي المناد، وكان يوم

التلاق،  وكشف عن ساق، وكسفت الشمس، وحشرت وبدت الأسرار، وهلكت الأشرار وارتجت الأفئدة وش، مکان مواطن الحشر، ونستنتج من هذه الموعظة بعض عوامل التاثير منها:

1- وقوع الموعظة في مناسبتها، فإن الموعظة كانت بمناسبة تشييع جنازة، والنفوس في هذه الحالة تكون مستعدة لتلقي ما تذكر به في الموت والدار الآخرة.

۲ - الصياغة البلاغية للموعظة، فمواعظ أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ، تتميز

باسلوبها المؤثر في نفوس المدعوين، فمن الجوانب البلاغية في النموذج المذكور ما يلي:

- الاستعارة مثل قوله: فكانما قد علقتم مخالب المنية، تشبيه الموت (المنية) بحيوان

وصفاته وهو المخالب السجع العفوي غير المتكلف: مثل قوله: فإن الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجائعها، غرور حائل، وسند مائل.

ج- الصيغ الإنشائية، وهي مبثوثة في الخطبة كلها منها: ما تبکون؟ استفهام..

اتعظوا عباد الله بالعبر) نداء.. (اتعظوا، اعتبروا، وازدجروا، وانتفعوا) كل هذا على سبيل الأمر.

د- جزالة الألفاظ: لعل أي جزء من الخطبة يكون شاهدا عليها، لأن الخطبة كلها لا خلل فيها ولا ضعف.

٣- اعتماد المضمون على القرآن الكريم وانتهاجها منهجه في الإرشاد والإقناع، كقوله:

كل نفس معها سائق يسوقها محشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها» اعتمادا على قوله تعالى -

وجاءت كل نفس معها سائق وشهية . 

٤- الترهيب بذكر أهوال يوم القيامة، كقوله: «ودهمتكم مقطعات الأمور بتفخة

الصور، وبعثرة القبور، وسياقة المحشر، وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبارا.

- الإقناع ومن ذلك قوله: كم مرضت بيديك وعللت بكفيك، ممن تطلب له الشفاء

وتستوصف له الأطباء.. للإقناع بحصول الموت، والارتحال عن الدنيا والقدوم على الآخرة،

وأنه لا مهرب ولا فكاك .

6- استحضار الصورة، وذلك لتعبيره بالفعل الماضي عما سيحدث في المستقبل، حتی يتصور السامع هذا الأمر الذي ينتظره، ومن ذلك قوله: فكأنما قد علقتكم وضمكم، التراب، ودهمتكم مقطعات الأمور .

۷- لطف العبارة بحيث تستهوي السامعين ولا تنفر هم

فهذه بعض النماذج من خطب ومواعظ أمير المؤمنين علي بن أبي طال انتشرت بين الناس وساهمت في تربيتهم وتهذیب نفوسهم، وتطهير قلوبهم، وكان مفعولها

ساريا في جيله والأجيال التي بعده إلى يومنا هذا.


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

Ra'ed Al-khawaldeh Art

2016