-->
Ra'ed Al-khawaldeh Art Ra'ed Al-khawaldeh Art

جمال الطبيعة وعبقريات الشمال


جمال الطبيعة وعبقريات الشمال "بلاد الفلمنك " 

.

 بلاد الفلمنك الممالك المنخفضة في شمال أوروبا وهي هولندا وبلجيكا بصفة أساسية، ونظرا لانخفاض أرضها عن سطح البحر يطلق عليها البلاد المنخفضة أو الواطئة ، والمتتبع هذه المقالات ومن خلال ما أورده فيها من معلومات ، يجد أن الفن الإيطالي كان ترجمة للدين والآداب .. كما أن الفن الأسباني كان محصورا داخل قصور الملوك والأمراء ، بينما نجد أن الفن الفرنسي كان فنا أكاديميا خالصا .. وفنون إنجلترا نلمح فيها النزعة الأرستقراطية .. ولذا ، فقد كانت تعرف بأنها فنون الطبقة الرفيعة ..
أما في الممالك المنخفضة ، فقد كان فن الطبقات الوسطى ، وله ملامح مميزة أهمها الانطلاق والابتهاج بمحاسن الطبيعة والمناظر الريفية بثرائها وخيراتها وجمالها المثير ! ذلك للأن بلاد الفلمنك كانت قد انشقت على الكنيسة الكاثوليكية ، وأصبح فن التصوير حرا من القيود الدينية ، على عكس فنون عصر النهضة الإيطالي مثلا .. فاتجه الفنانون تبعا لذلك إلى الطبيعة يستلهمونها في أعمالهم .. 
وإلى مكامن الجمال حيث تكون .. وأصبح الطابع الوجداني يضفي على لمساتهم إحساسا بالرقة والازدهار وبريق الألوان وبهجة
الحياة و التغني بجمال بلادهم وفي عام 1361 حکم فرنسا الملك ( جين لي بون ) فورث بذلك دوقية ( بر جاندی ) ، ونصب عليها ابنه (فيليب هاردی )الذي تزوج من ( مرجريت ) أميرة بلاد الفلاندرز .. وبذلك اتحدت كل من الولايتين ( بر جاندی وفلاندرز)
، واستمر هذا الاتحاد مدة طويلة .. وكان من الطبيعي أن تتوطد العلاقات هذا الاتحاد ايطاليا .. وظهر كثير من عباقرة الفنانين الفلمنك من الذين رحلوا إلى مختلف بلاد أوروبا ولا سيما فرنسا وإيطاليا . ونأتي إلى عهد ( شارل الخامس )
ملك فرنسا فنجده يجمع هؤلاء الفنانين من حوله ويزدهر فن التصوير المصغر الذي يعرف عالميا باسم miniatures أو المنمنمات بصفة خاصة .. بجانب التصوير الزيتي الذي كان فنا ناشئا في القرن الرابع عشر .. ويرجع إلى الفنانين الفلمنكيين ، الفضل اکتشاف و ابتكار الألوان الزيتية ... وقد نسب إلى الشقيقين ( فان ايك ) أنهما طورا الرسم بالزيت وتوصلا إلى معرفة المواد التي ساعدت على سرعة جفاف الألوان و سهولة استعمالها و استدامة بهائها وحسن مظهرها . ومن مائر الفلمنكيين كذلك الرسم على زجاج النوافذ .. وساعد على تألق هذا الفن طبيعة الجو الملبد بالغيوم معظم أيام السنة
..
فاعتبرت النوافذ لوحات دائمة مضيئة يزيد من جمالها الضوء الخافت الذي ينفذ من خلالها ولننظر إلى لوحتی ( ألبرت کويب ) رسم فيهما الطبيعة الخلابة بسمائها ذات السحب المتراكمة وأضوائها المناعة في الأفق وانعكاساتها الساحرة على الماء والتلال الخضراء .. والوداعة الريفية المتمثلة في حياة الرعي والطرب
والبساطة والانطلاق .. ولكن أهم ما يميز فن « کويب » هو ولعه بتصوير الماشية ، فلم تخل له صورة منها . وأصبح اهتمامه الأول في لوحاته هو رسمه لهذه الماشية التي برع فيها أيما براعة !
:
وتحتفظ متاحف العالم حاليا بلوحات ألبرت کويب (۱۹۲۰ ۱۹۹۱ ) كقمة من قمم الإبداع العالمي في رسم الماشية والمنظر الطبيعي التقليدي الذي يمثل كلاسيكية القرن السابع عشر في المدرسة الفلمنكية ! وقد أجمع النقاد والمؤرخون على تمجيد أعمال کويب ...
إلا أننا نقرأ لناقد فنی شهير هو الدكتور (قدر ) قوله اللاذع عن رسم الماشية في لوحات الفلمنكيين :
و إنها هولندية لحما ودما لأنها خاملة لا تعرف الجهاد ، ولأنها لا ترى إلا وهي إما تمضغ وتجتر ببلادة ، أو ترقد في
سبات عميق ، !
وقد يكون هذا وصفا صادقا للثيران والأبقار .. ولكنه بلا شك هجاء في غير موضعه موجه للشعب الهولندي النشيط .. ذلك الشعب الذي يقتطع من أرضه بعض التراب مبللا بعرقه ليردم به البحر حتى تتسع أمام طموحاته سبل . الكفاح والعمل الدائب الذي لا يعرف التواكل أو التكاسل أو الخمول ؟



التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

Ra'ed Al-khawaldeh Art

2016